سَمِعْتُ أَبَا الْعِزِّ نَجَاءَ بْنَ الْمُبَارَكِ بْنِ طَالِبٍ الْمَخْرَمِيَّ الْفَقِيهَ، وَحَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَهُوَ صَدُوقٌ وَصَالِحٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ أَبَا بَكْرٍ الشَّامِيَّ قَاضِي بَغْدَادَ بَعْدَ مَوْتِهِ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَصَافَحْتُهُ، وَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ عَلَى كُرْسِيٍّ آخَرَ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: الْحَدِيثُ الْفُلانِيُّ، فَأَجَابَهُ الْخَطِيبُ بِشَيْءٍ ذَهَبَ عَنِّي، فَتَنَازَعَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: فَهَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ حَتَّى نَسْأَلَهُ.
فَقَامَا جَمِيعًا إِلَى زَاوِيَةٍ فَرَفَعَا سِتْرًا أَخْضَرَ، وَدَخَلا وَوَقَفْتُ أَنَا عَلَى الْبَابِ ثُمَّ أَصْغَيْتُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: الْعِبَارَةُ لِي كَتَبْتُهَا حِينَ سَمِعْتُهَا مِنْهُ، وَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ وَمَعِي أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كُرْدَةَ الصَّبَّاغُ، وَأَبُو غَالِبِ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّسْتُمِيُّ، الأَصْبَهَانِيَّانِ بِبَغْدَادَ فِي الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ آخِرُ الْجُزْءِ الثَّامِنَ عَشْرَ وَالْحَمْدُ للَّهِ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلامِهِ