أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، وَأَنَا أَسْمَعُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَادِسِيُّ الْبَزَّازُ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، بِجَرْجَرَايَا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيَّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلامٍ، بِبَابِ الْمُعْتَصِمِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُضْرَبُ، قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ: أَيُضْرَبُ سَيِّدُنَا؟ لا صَبْرَ، أَيُضْرَبُ سَيِّدُنَا؟ لا صَبْرَ.
قَالَ أَبُو شُعَيْبٍ: فَقُلْتُ أنا:
ضَرَبُوا ابْنَ حَنْبَلٍ بِالسِّيَاطِ بِظُلْمِهِمْ ... بَغْيًا فَثَبَتَ بِالثَّبَاتِ الأَنْوَرِ
قَالَ الْمُوَفَّقُ حِينَ مَدَّدَ بَيْنَهُمْ ... مَدَّ الأَدِيمِ عَلَى الصَّعِيدِ الْقَرْقَرِ
إِنِّي أَمُوتُ وَلا أَبُوءُ بِفَجْرَةٍ ... تَصِلُ بَوَائِقُهَا مَحَلَّ الْمُفْتَرِي
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ أَبُو مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ مَكْرَمٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلامٍ، يَقُولُ: جَالَسْتُ أَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَمَا هِبْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ كَمَا هِبْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَلَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي السِّجْنِ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَلَمْ أُجِبْهُ هَيْبَةً لَهُ.
قَالَ ابْنُ مُكْرَمٍ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْقُوبَ بْنَ شَيْبَةَ قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَ، فَقَالَ لِي: لَعَلَّهُ فَرَقَ أَنْ يَغْلَطَ بِحَضْرَتِهِ
أَخْبَرَنَا الْقَادِسِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: الأَحْدَاثُ يُرْفَقُ بِهِمْ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْ هَذَا الأَمْرِ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِي، وَلَقَدْ أَعْطَيْتُ الْمَجْهُودَ مِنْ نَفْسِي، وَهَذِهِ فِتْنَةُ الدُّنْيَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: لَقَدْ تَمَنَّيْتُ الْمَوْتَ، وَهَذَا أَمْرٌ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ ذَاكَ، ذَاكَ فِتْنَةُ الدِّينِ، الضَّرْبُ، وَالْحَبْسُ كُنْتُ أَحْتَمِلُهُ فِي نَفْسِي، وَهَذِهِ فِتْنَةُ الدُّنْيَا، أَوْ كَمَا قَالَ أَبِي