الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، وعلى آله وصحبه الذين نقلوا القرآن الكريم كما سمعوه من فيه - صلى الله عليه وسلم -، وتلوه حق تلاوته، وعملوا بما فيه، (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، أما بعد
فقد شاء الله - جلَّ وعلا- أن يكون لقراءة القرآن الكريم النصيب الأوفر من العناية والرعاية لدى سلفنا الصالح في صدر الإسلام زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين وتابعيهم، حيث إن أول ما تعلموه من علوم الدين كان حفظ القرآن الكريم وقراءته، فقد تلوه حق التلاوة، وتفهّموا سُوره وآياته، وتفقهوا بعمله وكلماته، وتحرَّوا الدقة والأمانة في نقل هذه القراءات القرآنية، وأدّوها كما تحملوها إلى مَن بعدهم إلى أن وصلت إلينا سالمة من كل زيف، لم يتطرق إليها أدنى شيء من التحريف، تحقيقا لقول الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
ولما كان كتاب "التيسير في القراءات السبع للإمام أبي عمرو ثمان بن سعيد الداني المتوفي بدانية في شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، من أقدم كتب القراءات وأهمها، فإن الإمام القاسم بن فيرّه بن خلف بن أحمد الشاطبي اهتم به، وحفِظه، وقال: عرضته حفظا عن ظهر قلب، وتلوت ما فيه على ابن هذيل بالأندلس.
هذا، وقد وفق الله سبحانه وتعالى الإمام الشاطبي وأعانه على نظم ما اشتمل عليه كتاب التيسير في قصيدته المسماة "حرز الأماني ووجه التهاني" في القراءات السبع، المعروفة بالشاطبية، والتي بلغت أبياتها