الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن الصحابة الكرام الذين عاصروا نزول الوحي، فهم إذا أخبروا بشيء من هذا كان له حكم المرفوع، وإذا ورد شيء منه عن التابعين فإنه لا يقبل إلا إذا اعتضد بحديث مرسل آخر وكان عن كبار التابعين كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب والحسن البصري .. وغيرهم (?).
لقد ورد عن الأئمة أن سبب النزول مهمّ جدا في تفسير الآية، قال ابن تيمية (معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب) (?)، وقال ابن دقيق العيد: (بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن) (?)، وقال الواحدي: لا يمكن معرفة تفسير الآية، دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها (?).
فمعرفة سبب النزول تفيد المفسر في بيان الحكمة التي دعت إلي تشريع حكم من الأحكام وإدراك مراعاة الشرع للمصالح العامة في علاج الحوادث، وكما أنها تفيد في دفع الإشكال عن الآيات، فمثلا عند ما يقرأ القارئ إِنَّ الصَّفا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [البقرة: 158]، (فقد يفهم منها أنها تسقط فرضية السعي بين الصفا والمروة، كما فهم ذلك عروة بن الزبير، فلما سأل خالته عائشة - رضي الله عنها - قالت له: لو كان الأمر كما فهمت لقيل: لا جناح عليه ألا يطوف بهما، ثم بينت له سبب النزول، وأنها نزلت في الأنصار، حيث أنهم كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية، فلما أسلموا تحرجوا من السعي خشية أن يكون مشابها لفعلهم في الجاهلية،