ورفعها بعد العلم بثبوتها لا يكون إلا بمعلوم محقق (?).
لا وسيلة للنسخ إلا الوحي فقط سواء كان قرانا أو سنة، قال تعالى أمرا نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرد على من طلبوا منه تبديل القرآن والإتيان بغيره: قُلْ ما يَكونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحي إِلَيَّ [يونس: 15] فهذا واضح في بيان الوسيلة أو الأداة في النسخ وأنه لا دخل للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه إلا التبليغ (?).
للنسخ عدة حكم واضحة جليلة لعل من أهمها:
[1] التيسير ورفع الحرج والمشقة عن العباد إذا كان الناسخ أيسر من المنسوخ، فمثلا كان المسلمون في أول فرض الصيام إذا أفطروا بعد المغرب ونام أحدهم لا يجوز له أن يأكل حتى غروب اليوم التالي فنسخ ذلك بقوله تعالى: وَكلُوا واشْرَبُوا حَتَّي يَتَبَيَّنَ لَكمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]، ولما نزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران: 102]، شق ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى ما نسخها: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، ولما نزل وإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة: 284]، شق أيضا عليهم ذلك لأنه نص في أن الإنسان محاسب حتى على حديث نفسه، فأنزل الله تعالى: لا يُكلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَها [البقرة: 286] ... وغير ذلك كثير يتضح منه أن أجلّ الحكم من وراء النسخ هي التيسر ورفع الحرج والمشقة عن العباد.
[2] إظهار عظمة الرب سبحانه ببيان أنه المتصرف في كل الأمور سابقا ولا حقا، وأنه يفعل ما يشاء وهذا واضح من تذييل آية النسخ بقوله تعالى: