قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: «قال عبد الله بن عمرو: لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض، ولا يجهل مع من يجهل، ولكن يعفو ويصفح، لحق القرآن، لأن في جوفه كلام الله تعالى».
ثم قال القرطبي - بعد هذا الأثر -: «وينبغي له أن يأخذ نفسه بالتصاون عن طرق الشبهات، ويقلل الضحك والكلام في مجالس القرآن وغيرها بما لا فائدة فيه، ويأخذ نفسه بالحلم والوقار وينبغي له أن يتواضع للفقراء، ويتجنب التكبر والإعجاب، ويتجافي عن الدنيا وأبنائها إن خاف على نفسه الفتنة، ويترك الجدال والمراء، ويأخذ نفسه بالرفق والأدب، وينبغي له أن يكون ممن يؤمن شره، ويرجي خيره ويسلم من ضره، وألا يسمع ممن نم عنده، ويصاحب من يعاونه على الخير ويدله على الصدق ومكارم الأخلاق ويزينه ولا يشينه» (?).
سادسا: مداومة ذكر الله تعالى: قال القرطبي - رحمه الله -:
(وينبغي له - أي حامل القرآن ومفسره - أن يكون لله حامدا، ولنعمه شاكرا، وله ذاكرا، وعليه متوكلا، وبه مستعينا، وإليه راغبا، وبه معتصما، وللموت ذاكرا وله مستعدا، وينبغي له أن يكون خائفا من ذنبه، راجيا عفو ربه) (?).
وبالجملة فيشترط في المفسر كل أدب يؤهله لحمل كتاب الله تعالى وفهمه وتوضيحه للناس، وإن هو أخل بتلك الآداب أزري بنفسه وبعلمه فقلّ أن يفهم الفهم التام، وإن فهم لم يقبل منه، لأن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه.