منها شيئا، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبخليفته الأول أبي بكر الصديق.

ولما استخلف عثمان جاءه يقول: " أقبل صدقتي " فقال له عثمان: " لم يقبلها منك رسول الله ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك؟ " فلم يقبلها منه وقاطعها أيضا، اقتداء برسول الله وخليفتيه أبي بكر وعمر، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان وهو محروم كل الحرمان من قبول صدقته، دون بقية الناس، وكان ذلك الموقف الصارم من طرف رسول الله وخلفائه من بعده تعزيرا وتأديبا لثعلبة وأمثاله في جميع العصور، وسنة حسنة يعمل بها من يريد الاقتداء برسول الله وخلفائه، في مقاطعة أولئك الذين يعاهدون ثم لا يوفون بالعهود، ونبذ أولئك الذين يعدون ثم يخلفون الوعود.

وقد نبه القاضي أبو بكر " ابن العربي " عند تفسير هذه الآية: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} " إلى أنه لما حيل بينهم وبين التوبة، ووقع التصريح بنفاقهم وكفرهم لم تقبل صدقاتهم "، ولذلك لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلمه عليه الصلاة والسلام بسريرة ثعلبة، واطلاعه على بنيات صدره " - يقال " بنيات الطريق " للطرق الصغيرة المتشبعة من الجادة -.

وإذا كان المنافقون يتجرؤون على لمز أشرف الخلق، والطعن في تصرفات خاتم النبيئين والمرسلين كما سبقت الإشارة لذلك في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015