وليس بخير، وقد يرون الرأي يعتقدونه صالحا وهو غير صالح، فالمرجع الأعلى للمسلمين يجب أن يظل دائما وأبدا هو مقام الرسالة الأسمى، وذلك ما يشير إليه قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}، أي: اعلموا أن بين أظهركم رسول الله، فعظموه وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم، ولو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى الحرج الذي ليس من الدين، وإلى مثل هذا المعنى ينظر قوله تعالى في آية أخرى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} (المؤمنون: 71).

وقوله تعالى هنا: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ}، هذا بالنسبة إليه وهو لا يزال على قيد الحياة بين أظهر المسلمين، فإذا فارقهم الرسول وانتقل إلى الرفيق الأعلى كان حاضرا بينهم أيضا، إذ إن كتاب الله وسنة رسوله حاضران وخالدان بين المسلمين على الدوام، فلا بد من الرجوع إليهما والاهتداء بهديهما، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي ".

ثم عقب كتاب الله بما يقوي في المسلمين روح الطاعة والامتثال، ويدفعهم إلى المزيد من التأدب مع مقام الرسالة، والمزيد من التفاني في تحقيق الأهداف التي رسمتها للمسلمين، وذلك قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015