بعاقبة من سبقهم من المكذبين امتنعوا من التكذيب، وارتدعوا خوفا من التعذيب، وصدقوا بما جاء به الرسول من البلاغ والبيان، المؤيد بالحجة والبرهان، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} إشارة إلى ما يتجدد ويشاهد كل لحظة من لحظات الزمان، من الخلق الجديد الذي لا ينقطع في عالم النبات والحيوان والإنسان، فضلا عن بقية الأكوان، فالخلق كله يتجدد باستمرار، تحقيقا لمشيئة الله الفاعل المختار، مصداقا لقوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: 19]، وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86]. ومن تأكد من إعادة الخلق في الدنيا عن طريق المشاهدة والعيان، كيف يسوغ له أن يقابل إعادة الخلق في الآخرة بالجحود والنكران، مع أن إعادة أي شيء كيفما كان، في المنطق المعتاد عند البشر، تعتبر دائما أسهل وأيسر، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
وإغراء بالمزيد من البحث في خلق الله، للتمكن أكثر فأكثر من معرفة الله، وتقدير قدرته وحكمته حق قدرهما، بعد التعمق في العلم بهما، خاطب الحق سبحانه وتعالى أولي الألباب، فقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} وهذه الآية تصدق بمحاولة البحث عن كيفية بدء الخليقة، وعن نشأة الحياة في الأرض وانتشارها وتطورها، والكشف عن أنواع الأحياء التي تعاقبت على سطحها، والإلمام بمختلف طبقاتها، والتعرف على مدخراتها وثروتها، إلى غير ذلك من الأبحاث والدراسات التي