الكافرين، لأنها مجرد أشباح، فاقدة لروح الإيمان بالله، وخالية من نية التقرب إليه، فقد نص على نفس المعنى في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]، وقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].
أما الفائزون الذين لم يضل سعيهم في الحياة الدنيا، وتقبل الله أعمالهم في الآخرة، فجازاهم عنها الجزاء الأوفى، فيشير إليهم قوله تعالى هنا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} أي مقيمين فيها باستمرار لا يتحولون عنها، ولا يبغون بها بديلا، لأنها الغايات في السعادة والنعيم {حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}.
وكما استعمل كتاب الله في الحديث عن مصير السعداء المقبول علمهم كلمة (نزلا) فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}، استعمل نفس اللفظ في الحديث عن مصير الأشقياء المرفوض عملهم فقال: {إِنَّا أَعْتَدْنَا} أي أعددنا {جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا} إلا أن نزلاء الفردوس لا يبغون عن نزلهم حولا ولا بدلا، بينما نزلاء جهنم لو وجدوا السبيل لمفارقتها لما استقروا بها لحظة واحدة، فضلا عن أن يتخذوها نزلا {سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}.
وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن قدرة الله وتصريفه لمجاري الأقدار الصادرة عن مشيئته، بمقتضى علمه وحكمته،