وزينتها العفاف -، يا ذا القرنين خذ ما ما أتيت بحزم وعزم واجعل الصبر دثاراً والحق أشعاراً والخوف من الله جنة، يزكو لك العمل وتأمن من هول الأجل، خذ بيدك سيف الله فإنه ليس له دافع ولا لنصره مانع وحسبك من كان الله له ناصراً، يا ذا القرنين خذ تحت أكتاف السماء عن شمال الأرض.
قال: فحمل عساكره في المحيط يريد جزائر الأرض خلف جزيرة الأندلس، فلما وصل وعبر إلى الأرض وأخذ أهل الجزائر، وأنشأ ذو القرنين يقول:
ألا أيها الوراد قد نلت خطة ... علوت بعلميها ملوك الأعاجم
سلكت غروب الأرض حزماً بجحفل ... لنأتي أرضاً غير أرض التشائم
فعمت جميع الغرب لله دعوة ... إلى غايتها بالقنا والصوارم
خرجت على الدنيا عن اللهو محرماً ... وسقت جموعاً كالهضاب الرواكم
وردت بباب الغرب والجمع مشرع ... على موج بحر مزبد متراكم
عقدت بعين الريح عقداً يكفه ... فامسك عن مجرى المدى المتفاقم
فارجيت فيه أمة بعد أمة ... وقدمت فيه عالماً بعد عالم
فأوردتها مثل القطا فيه نهلاً ... لندرك في الدنيا قسّ المعالم
تجرعته عذباً من الماء سائغاً ... وكان أجاجاً طعمه كالعلاقم
فصرت كمثل الطير فوق متونه ... تطير خوافيه بهز القوادم
أتيت إلى واد حثيث مسيله ... برمل تراه كالجبال الرواسم