في الجنة وإن الجان تنافسوا في الجنة وطغى بعضهم على بعض وعصوا الله وسفك بعضهم دم بعض عج الملائكة إلى الله بالدعاء - قالوا سبحانك ربنا ما أحلمك وأكرمك يتقلب في نعمك من يكفر بك لم تعبد زيادة في ملكك ولم تعص مغالبة في سلطانك تمهل من أساء وتصفح عمن عصى لم تخش الفوات فإليك المصير وأنت على كل شيء قدير لا يفوتك هارب ولا ينجو منك هارب لم ينقص ملكك من عصاك ولا زاده من أطاعك أنت قبل كل شيء وأنت بعد كل شيء لم يؤدك حفظ ما خلقت فأنت بكل شيء عليم.
قال ابن منبه: فغضب الله على الجان فأوحى الله إلى جبريل أن أخرج الجان من
جواري وطهر منهم جنتي فأخرجهم جبريل من الجنة إلى أرضنا هذه فأسكنهم جزائر البحار وقفار الأرض وبقي إبليس مع الملائكة يعبد الله ثم خلق الله آدم عليه السلام لما شاء كيف شاء حين شاء في سابق علمه المكنون وحكمه النافذ من أديم الأرض من سهلها وجبلها وأبيضها وأسودها وأحمرها فجمع الطين فصار صلصالاً حمأ مسنوناً فصور آدم من تلك الطينة.
قال وهب: فلذلك وجد في بني آدم اختلاف الصور للسهل والجبل واختلاف الألوان لاختلاف ألوانهم فرفع جبريل آدم إلى الجنة فلما رأته الملائكة قالوا ربنا ما هذا قال الله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة قالوا ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} وأنت أعلم ربنا {قال إني أعلم ما لا تعلمون} وطاف إبليس بآدم فغمه ما رأى من جماله وحسن خلقه حسداً ثم جسه بيده فدوى آدم فقال خلق مجوفاً