وباشروا القوم ضرباً في ديارهم ... ضرباً حتى تهدموا القصرا
فأجابها أخوها الأسود وهو يقول:
أنا لعمرك ما نبدي مناهزة ... نخاف منها صروف الحين إن ظهرا
ففي التحيل للأقوام مدركة ... وكل أمر بها نرجو له الظفر
كفى لديك فلا تبغي لعاقبة ... عن الذي قد رآه الرأي أو خطرا
فليس يمنع رأياً أن ندبره ... زحر الزواجر حتى نركب الخطرا
إني زعيم لطسم حين تحضرنا ... عند الطعام وذاك الرأي إن قدرا
فإن تلاقوا على بغي ومظلمة ... ضرباً يبين أكف القوم والقصرا
قال: ثم صنع الأسود طعاماً، ثم دعا الملك وقومه من طسم فأقبلوا يرفلون في حللهم، ثم دفنت جديس أسيافهم في الرمل حيث وضعوا الطعام. فلما أتتهم طسم وثبوا إلى أسيافهم وشدوا على عملاق وأصحابه فقتلوهم حتى أفنوهم جميعا، وأنشأ الأسود يرتجز وهو يقول:
لا أحد أذل من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس
جاءت تمشي في دم حميس ... كالريح في مسهومة اليبيس
يا طسم ما لاقيت من جديس ... من البلا والعيب والنحوس
وقال الأسود أيضاً:
ذوقي مجللة الحرب نافعة ... فقد أتيت لعمري أعجب العجب
إنا انتقمنا فلم ننفك نقتلهم ... والبغي هيج منا سورة الغضب
فلم يعودوا لبغي بعدها أبداً ... ولم يكونوا لذي أنف ولا ذنب
فلو رعيتم لنا قربى مؤكدة ... كما الأقارب قد أرعى لذي النسب