فلما بلغ قيلها عمليقاً أمر أن لا تتزوج بكر من جديس حتى يبدأ بها فيفترعها قبل أن يتصل بها زوجها. قال: فأصاب القوم من ذلك ذل ذليل فلم يزل ذلك الملك يفعل بهم حتى تزوجت امرأة منهم - يقال لها عفيرة ابنة عفار الجديسية أخت الأسود بن عفار - فلما كانت الليلة التي يهدي بها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق ليبدأ بها قبل زوجها ومعها القيان يغنين وهن يقلن:
أبدي بعملاق وقومي فاركبي ... وبادري الصبح لأمر معجب
فسوف تلقين الذي لم تطلبي ... وما لبكر عنده من مهرب
قال: فدخلت العفيرة على عملاق فافترعها وخلى سبيلها وخرجت إلى قومها شاقة ثيابها ودرعها عن دبرها وهي تقول في ذلك:
لا معشر أذل من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس
لكل قرن أشوس عبوس ... عدمتكم يا سقط النفوس
ثم قالت لقومها ويحكم أيرضى بهذا الحر من رجالكم وقد أعطى هذا المهر كاملاً والله ليأخذه أهون عليه من أن يفعل هكذا بعرسه وأنشأت العفيرة ابنة عفار تحرض قومها وتذكر ما فعل بهم العملاق وهي تحثهم على الحرب.
أتصبح تمشي في الدماء فتأتيكم ... صبيحة زفت في النساء إلى البعل
فإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساء لا تغبوا من الكحل
وهادونكم طيب العروس فأنتم ... خلقتم لأثواب العروس وللغسل
فلو أننا كنا رجالاً وأنتم ... نساء لما كنا نقر على الذل
فسعداً وسحقاً للذي ليس ناكفاً ... ويختال يمشي بيننا مشية الفحل