ثم أذن لها بالدخول، فدخلت الدار فلما مرت بالحائطين نظرت إليهما، ثم دخلت فرأت
أرضاً وحيطانها من ذهب فتصعر عندها ملكها ورأت شيئاً لا يشبه ملكها الذي كانت فيه وسليمان قاعد في مجلسه في أقصى الدار ومعها لبنة من ذهب تريد إن أمرت بالجلوس أن تجلس عليها فضربت ببصرها فإذا على باب مجلس سليمان موضع لبنة من فرش الدار ليس فيه لبنة فكرهت حين رأت ذلك أن تمضي بما في يديها فيتهمونها باللبنة، فرمت بلبنتها في ذلك الموضع وسليمان ينظر إليها. فلما دخلت عليه سلمت عليه وحيته بتحية الملوك، ثم قامت بين يديه ساعة لا يأمرها بالجلوس ولا ينهاها عن القيام، حتى إذا طال ذلك عليها رفع سليمان رأسه إليها فقال: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، فمن شاء فليجلس ومن شاء فليقم؟ قالت: الآن علمت أنك نبي. قال لها: ومن أين تعلمت ذلك؟ قالت: علمت إنه لا يجلس عند الملوك إلا بإذنهم، وأما القيام فعندهم يقام وما أقل من يجلس عندهم إلا من كان من خاصتهم، ولكنك قلت قول أهل العلم بالله، وقد أتيتك وسألتك عن ثلاثة أشياء فإن أخبرتني بهن دخلت في طاعتك، وإن لم تفعل رأيت رأيي فيما بني وبينك قال سليمان: فاسألي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قالت: أخبرني عن ماء روى ليس من ارض ولا سماء، وشبه الولد إذا أشبه أباه وأمه من أين آتاه ذلك؟ وعن لون الرب تبارك وتعالى. فسألته عن ذلك وهي مقابلة له على الكرسي، والأنس والجن عن يمينه وشماله. فقال سليمان للأنس: هل عندكم في هذا شيء؟ قالوا: نعم يا نبي الله مر لنا بخيل نركبها ونجربها حتى تعرق، ثم نحللها فإنه ينصب عرقها فنحن نأتيها من ذلك بماء روي ليس من أرش ولا سماء. قال سليمان: فأيتوني بذلك فجاءوا به قالت: