مبدع بن هرم، فنزل قرحاً - وهو وادي القرى - وبينه وبين الحجر ثمانية عشر ميلا، فنزل على رجل يقال له عمرو بن غنم - وكان سيدهم وكان قد أكل من لحم الناقة ولم يشرك في عقرها - فقال له مبدع: يا عمرو اخرج من هذا البلد، فإن صالحاً قد قال: من خرج من هذه البلد نجا ومن أقام بها هلك. فقال عمرو: والله ما شاركت في عقرها ولا رضيت بما صنع بها. وأمسك عنه مبدع، فلما أصبح الأحد ورأوا ما نزل بهم من العذاب اجتمعوا كل قوم في مجلسهم فحفروا لأنفسهم قبوراً في بيوتهم ونحتوا ولبسوا أكفانهم - وكانت أكفانهم الانطاع وحنوطهم المر - وجلسوا في حفرهم. فلما ارتفع الضحى أخذتهم الصيحة. فلم يبق منهم أحد لا صغير ولا كبير إلا جارية من ثمود يقال لها العدوى ابنة ينبع وكانت جارية مقعدة وكانت كثيرة العداوة لصالح، فأطلق الله رجليها بعدما أخذ قومها العذاب، فخرجت حتى أتت إلى قرح فأخبرتهم بما رأته من العذاب وبما أصيب به قومها ثمود. ثم هلكت

الجارية حين أخبرتهم. فقال: وقد سمعت ابن عمك عبد الله بن عباس يقول: إن الله تبارك وتعالى بعث جبريل حتى وقف على الفج الذي عقرت فيه الناقة، فصاح فيهم فخرجت أرواحهم من أبدانهم فهلكوا جميعاً إلا هذه الجارية المقعدة قد حدثتك حديثها. إلا إنه ذكر أن أسمها الذريعة - وهي كلبة بنت سلق - قال: ونفرت الوحوش والبهائم، فكانت لا تطوف إلا حولها.

قال عبيد: وسمعت ابن عمك يقول: إن الله تبارك وتعالى لما أهلك ثموداً عجل لأهل الحجر العذاب فأخذتهم الصيحة يوم ثالث عقر الناقة وأهلك أهل قرح من ثمود بعد ذلك لإحدى وعشرين ليلة لإيوائهم صالحاً - صلى الله عليه وسلم - يوم أراد قومه قتله، فذلك قول الله عز وجل {فتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015