ثم ملك بعد ابرهة الاشرم ابننه يكسوم، سار سيرة الحبشة باليمن، فخرج سيف بن ذي يزن الحميري - ويكنى أبا مرة - حتى قدم على قصير فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم ويليهم قيصر ويبعث إليهم من شاء من الروم فيكون لهم، فلم يجبه إلى ما سأل. فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر - وهو عامل كسرى على الحيرة - وشا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان: أن لي على كسرى وفادة فيكل عام فاصبر حتى يكون ذلك ففعل. ثم خرج معه فأدخله على كسرى - وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه تحت تاجه، وكان تاجه مثل الهيكل فيه من الدر والياقوت والزبرجد والذهب والفضة عشرة قناطير، وتاجه معلق بسلسلة في رأس طاقة في مجلسه وعنقه ولا يحمل تاجه وإنما يستر السلسلة بالثياب حتى يقعد تحت التاج فلا يراه أحد لم يره قبل ذلك إلا سجد له هيبة - فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك. قال ابن هشام: ولما دخل عليه سيف بن ذي يزن طأطأ رأسه. فقال الملك: ما بال هذا الأحمق يدخل مجلسي من هذا الباب ثم يطأطئ رأسه؟ فقيل ذلك لسيف فقال: إنما فعلت هذا لهمي لأنه يضيق عنه كل شيء، ثم قال له: أيها الملك غلبت الأغربة علينا في بلادنا، فقال كسرى: أي الاغربة السند أم الحبشة؟ قال له: الحبشة. وجئتك لتنصرني ويكون ملك أرضي لك. قال له
كسرى: بعدت أرضك مع قلة خيرها ما كنت لأورط فارس في بلاد الحبشة لا حاجة لي بذلك. ثم أجازه بعشرة آلاف درهم وكساه بكسوة حسنة، فلما خرج سيف نثر ذلك الورق للناس. فلما بلغ ذلك الملك قال: إن لهذا شأناً، ثم بعث إليه