في أثره إلى البحر - فاقتحم فيه فغرق بمن معه من أصحابه، وكان ملك ذي نواس ثمانية وثلاثين سنة، فقال رجل من حمير يرثى حمير وذهاب ملكهم:
دعيني لا أبا لك لن تطيقي ... لحاك الله قد انزف تريقي
لدى عزف القياناذ انتشينا ... وإذ نسقي من الخمر الرحيق
وشرب الخمر ليس علي عاراً ... إذا لم يشكني فيه رفيقي
فإن الموت لا ينهاه ناه ... ولو شرب الشفاء مع السويق
ولا مترهب في اسطوان ... يناطح جدره بيض الانوق
وغمدان الذي حدثت عنه ... بنوه مسمكاً في رأس نيق
مصابيح السليط يلحن فيه ... إذا أمسى كتوماً ماض البروق
فاسلم ذو نواس مستكيناً ... وحذر قومه ضنك المضيق
وان الحبشة هدمت سلحين وبينون، وكان الذي هدمهما ارياط الحبشي، ولم يكن يوجد مثلهما في الدنيا - فقال في ذلك شاعر من حمير:
أو ما رأيت وكل شيء هالك ... بينون خاوية كأن لم تعمر
أو ما رأيت وكل شيء هالك ... سلحين خاوية كظهر الادبر
أو ما رأيت بني عطاة ناهيا ... قد أصبحت تسقي عليهم صرصر
أو ما سمعت بحمير وقصورها ... أمست معطلة مساكن حمير
فابكيهم أما بكيت لمعشر ... لله درك حمير من معشر
قال ابن هشام - وهو الذي عنى شق وسطيح الكاهان - حين قال: سطيح: ليملكن أرضكم الحبش وليملكن ما بين أبين إلى جرش