وهو السد الذي ذكر الله في كتابه العزيز، وكان السد بين جبل مأرب وجبل الأبلق - وكان الأبلق متصلاً بالجبال الزرق - وإنما قيل الأبلق: لأنه في أرض سوداء فيها معادن اللجن وأرض غبراء فيها معادن العقان وأرض زرقاء فيها معادن الزبرجد والجزع - وكان يقال له الأبلق الباذخ - ومأرب الشامخ، فمأرب متصل بجبال عمان والأبلق متصل بجبال لجة وما فوق السد ستة أشهر وما تحته ستة أشهر يدركه نفع الماء وكان يأتي إلى السد سبعون نهراً كباراً سوى ما كان يأتيه من السييول من أرض حضر موت وأرض برهوت إلى باب الحبشة. فكان ما يلي مأرب عن شمال السد لبني كهلان، وما يلي الأبلق لبني حمير بن سبأ. فكان يحبس السد لما فيه من الماء سنة من الحول إلى الحول يسقون به جناتهم وزراعتهم وما حاولوه من أمرهم على قدر ما يريدون فكان كما قال الله تعالى: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال} إلى قوله: {فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا نفسهم}. وكان لعمرو بن عامر مزيقيا من الجنات والزروع مثل ما كان لجميع أهل سبأ، وكان لعمرو بن عامر من الولد أحد عشر الأكبر ثعلبة العنقاء وحارثة وأبو حارثة وعوف وعلبة ومالك - قاتل الجوع - وكف ووداعة وعمرو وقيس وعبيد وأمهم مارية ذات القرطين بنت ظالم بن معاوية بن كندة بن مريع بن مالك بن عريب بن زيد ابن كهلان. وكان لعمرو أخ أكبر منه يقال له عمران بن عامر، وكان ملكاً متوجاً قبله، وكان كاهناً لم يكن في الأرض
أعلم منه، وكان بيده علم من بقايا دعاة سليمان، وكان له حظ عظيم من ذلك، وكانت العرب لا تعدل بعلم عمران بديلاً وكان يخبر قومه أن بلادهم ستخرب آخر