الرجال ببعض الظن وهلع الجزع فإن احمد الأمور أصدقها وأثبتها عند كما لها وبعد الابتلاء الحمد والذم - يا عمير: - لعمري قد أسمع الداعي واعذر الطالب وبلغ النبأ، فلا شيء أضيع من مضيع النفس وخطاه تسويف الأمل - يا عمير: - إن خير الأمور ما استكرهت عليه وأكرهها ما استدعيته ولم يأتك من استدعى أمراً لم ينزل به آتاه بما لا ملجأ له منه - يا عمير: - من طلب غير السلامة كان عقباه الندامة، من لم يشكر النعمة استعجل النقمة يا عمير - هل للجزع عاقبة تنفع أو مانع يدفع، فإن حاولت ذلك فأسال القرون الماضية والأمم الخالية قبلك هل تمنع من أسف وجزع أو خاب من صبر وقنع - يا عمير: - ليس ينزل بك ينهى ولا يرجع عنك مأمور - يا عمير: - أنظر الأيام ثلاثة: يوم مضى ولا ترجوه، ويوم أنت فيه لا بد منه، ويوم يأتيك لا تأمنه، فأمس واعظ واليوم غنيمة وغد لا تدري ما حكمه فأمس شاهد مقبول وأمين مؤد فحكم مؤدب وعظك بنفسه وأمضيت معه زاداً خيراً أو شراً وترك لك منه خلفاً لتحسن صحبته وهذا اليوم الذي أنت فيه صديق أدبك بغدره وبواك غير محله، سريع الظعن فأحسن له الصحبة يلقنك حجة ويحبوك شهادة، واليوم المقبل حاكم تنتظر قدومه، أما حبيب فلا تظلم أو فقد فلا ترحم - يا عمير: - الحرص فضول ما عناؤك في طلب ما هو لك وأسفك على ما ليس لك - يا عمير: - كيف ترجو أن يرجع إليك هالك وأنت به لاحق ورجاؤك البقاء بعده طمع في درك ما لا يكون وترك ما هو
كائن والمرجع قريب ولا تمعن في الطلب فيطيح بك الأمل وتنأى بك