ولذلك قتلته بلقيس وكان ملكه مائة سنة وخمساً وعشرين سنة فرثاه المضرب بن وائل بن يعفر بن عمرو الحميري فقال شعراً:
عجبت للدهر وأوانه ... وصرف أيام له فانيه
فبينما المرء يريد الهوى ... إذ مال لا يبقى على باقيه
لو كان هذا الدهر إذا جاءنا ... يختلف العبد وذا الداهية
لو يعلم الدهر بما قد أتى ... لم يعلن البيان من ناعيه
حال عن الدنيا بصرف الردى ... يختلس الحاضر والبادية
عم على ملك لنا قاهر ... مالك أنس في ذرى ساميه
وملك حيان هم أصله ... لم يكن الباقي بذي راقيه
أخرج ذا الأذعار من ملكه ... ولكن الدنيا إلى ناهيه
لم تلبس الشمس سرابيلها ... على مليك كان ذا تاليه
قد خسف البدر ولاذت به ... لما تولى الأنجم السارية
وقال عمرو بن الهدهاد بن شرحبيل يهجو عمراً ذا الأذعار: وهو أول هجو كان في العرب:
أصبح ذو الاذعار في رمسه ... يأكله الجور الذي قدما
لم يحمد الله له سعيه ... ولم يحرم دهره محرما
لم تبك عين بعده حسرة ... ولم ير الدهر له مكرما
محت ضياء الدهر أيامه ... فأصبح الدهر له اسحما
اربدَّ وجه الدهر من دهره ... فظل عرنين الرضى أكشما
عاصاه وجه الحق لما دعا ... إلى ردى الجور الذي جحما
ينزل عن رفع العلى هابطاً ... ولم ير الدهر له سلما
كم من فتاة طفلة غادة ... تذكر من يوميه ما أحرما