بوجه كالمجن وقد بلغت ركبتاه حذاء أذني الفرس فقال لهم: من أنتم وما شأنكم؟ قال له عمرو بن عباد: أنا عمرو بن عباد الأزدي وهذا شريك ابن عمرو الأزدي وهذا تبان بن نور الزبيدي لم ندع في العرب مثلنا بأساً ولا نجده، فاسلم الظعائن وانج بنفسك. قال له تبان بن ثور: يا عمرو لا طاقة لنا بالشيخ اذهب عنه ودعه فلسنا من جيله ولا من خلقه، قال له عمرو بن عباد: دع عنك الجزع قوة الشباب تغلب صلابة الهرم. قال عمرو بن عباد للشيخ: ما اسمك يا شيخ ومن أنت؟ قال له: أنا جعفر بن قرط الأزدي، قال له عمرو: وهل لك في المبارزة؟ قال له جعفر: لو رمت غير هذا ما وجدته اللقيا الحمى قد عرف الحق أهله، فأنشأ عمرو ابن عباد يقول:
زم المطى قليلاً ... فلست تبقى مقيلا
حرمت أهلي ومالي ... وخنت فيه الخليلا
تذوق عيناي بردا ... حتى أراك قتيلا
يكون أهلك أهلي ... إذا أرأيت الأصيلا
جدوا الرحيل فإني ... أبحث خيلاً فخيلا
والدهر طوع تمني ... إذ ليس دهري طويلا
قل للزمان يميني ... ما شئت قيلاً فقيلا
فقال جعفر بن قوط:
قد كنت عني غنياً ... فعش سليماً مليا
ما أنت والقول في ذا ... تراه فخراً سنيا