قال عبد الملك: وولي أمر الملك العبد بن أبرهة بن الصعب فغزا الملوك ودانت له العرب والعجم وخضعت له الملوك فأقام في الملك ستين عاماً، ثم سقط من الفالج،
فلم يغز بنفسه وكان يرسل الجيوش فدخل عليه الوهن في ملكه، ثم عدا عليه الفالج فمات وكان ملكه ستين عاماً.
وولي الملك أخوه عمرو بن أبرهة وهو عمرو ذو الاذعار وأمه العيوف بنت الرابع الجنية، وقد ابى من هذا عامة الناس وزعموا إنه لا يظهر الجن للأنس وأنه لا يتناسل جنسان مختلفان ولا ينسل أنسي من جنية ولا جنى من أنسية وإن هذا باطل وأتى بهذا الحديث علماء والله اعلم أي ذلك كان.
قال أبو محمد: لما ولي عمرو ذو الاذعار الملك قهر الناس بالملك وذعرهم بالجور فلا يرفق لقريب ولا بعيد وأسرف على العرب بالسلطان وشرد الناس ووسم من سخط عليه بالنار من أبناء الملوك وبدل على الناس السيرة التي كانوا عليها يعرفون. فذعر الناس من خوفه ذعراً شديداً وبه سمي عمرو ذو الاذعار وأنه كان يزني ببنات الملوك من حمير، فيؤتى بهن أبكاراً وغير أبكار فكن يشربن معه الخمر وكان ينادمهن على الخمر ويصيب منهن حاجته، فلما فعل ذلك بحمير كرهوا أيامه وأبغضوا دولته وكان شرحبيل بن عمرو بن غالب بن السياب بن عمرو بن زيد بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ نازلاً بمأرب في قصر بينون ولم يكن بني مثله ومثل قصر غمدان وسلحين باليمن، فجمع شرحبيل حمير وقبائل بني قحطان ممن كان بمأرب، ثم قام فيهم خطيباً، فقال: يا بني قحطان