وقال محمد بن سعيد الترمذي: سألني عبد الرحمن بن إسحاق عن رجل شهد عنده فزكيته له فقال لي: هل تعلم منه إلا خيرًا؛ فقلت: اللهم غَفْرًا، قد أعلم منه غير الخير، ولا تسقط بذلك عدالته. يُلْقِي كناسَتهُ في الطريق، وليس ذلك من الخير. فسكت.

وروى ابن القاسم عن مالك أنه أنكر أن يكون قوله: (لا أعلمُ إلا خيرًا) تزكية.

وقال: لا يكون تزكية؛ حتى يقول: رضي وأراه عدلًا (?).

وذكر المزني عن الشافعي قال: لا يقبل في التعديل إلا أن يقول: عدل على ولي (?). ثم لا يقبله حتى يسأله عن معرفته، فإن كانت باطنة متقدمة وإلا لم يقبل ذلك.

قلت: الأصح عندنا أنه يكفي هو عدل، ولا يشترط علي ولي (?).

حجة مالك أنه قد لا يعلم منه إلا الخير ويعلم غيره منه غير الخير، مما يجب رد شهادته فيجب أن يقول: أعلمه عدلًا رضًى؛ لأن الوصف الذي أمر الله بقبول شهادة الشاهد معه بقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} [الطلاق: 2] وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] فيجب أن يجمع الشاهد العدالة والرضا.

وأما قول أسامة السالف، فإنه كان في عصره - عليه السلام - الذين شهد الله لهم بأنهم {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] فكانت الجرحة فيهم شاذة نادرة؛ لأنهم كانوا كلهم على العدالة، فتعديلهم أن يقال: لا أعلم إلا خيرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015