وقال أبو داود: لا يصلح هذا إلا في المتردية والمتوحشة (?). وقال مالك: لا تؤكل إلا بذكاة الإنسي بالنحر أو الذبح استصحابًا لمشروعية أصل ذكاته، وأنه وإن كان قد لحق بالوحشي في الامتناع، فلم يلتحق بها لا في النوع ولا في الحكم، ألا ترى أن ملك مالكه باق عليه! وهو قول ابن المسيب وربيعة والليث.

قال مالك: ليس في الحديث أن السهم قتله، وإنما قال: حبسه ثم بعد أن حبسه صار مقدورًا عليه، فلا يؤكل إلا بالذبح، ولا فرق بين أن يكون وحشيًّا أو إنسيًّا، وخالف مالكًا ابن حبيب في البقر خاصة؛ لأن لها أصلًا في التوحش، وألزمه بعضهم كل الإنسية قياسًا على قوله فيها: إذا سقطت في بئر، ولم يقدر على ذبحها ولا نحرها، إنما تطعن في الجنب. قال: وكذلك إذا ندّت.

قال أبو الحسن في معنى الحديث: إنما ذلك؛ لأنه حبسه بجرح ولم يصب مقاتله. والشارع إنما نهى عن تعذيب الحيوان وهو رميها وجرحها. قال: فهذا معناه عندي، لأنه منفوذ المقاتل، كما تأوله من احتج به لما تقدم.

وقوله: (فاصنعوا به هكذا). قال مالك: نقول بموجبه، أي: برميه وبحبسه فإن أدركناه حيًّا ذكيناه، وإن تلف بالرمي فهل يأكله أو لا؟ وليس في الحديث تعين أحدهما، فلحق بالمجملات ولا تنهض حجة. قالوا في حديث أبي العشراء: ليس بصحيح؛ لأن الترمذي قال فيه: غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف عن أبي العشراء عن أبيه غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015