يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه؛ لأنه مال الغانمين، ولأنه - عليه السلام - نهى عن إضاعة المال، فإن قلت: لم ينقل أنهم حملوه إلى القسمة، فالجواب: ولا نقل أيضًا أنهم أخرجوه ولا أتلفوه، فوجب تأويله على وفق القواعد الشرعية، بخلاف لحم الحمر الأهلية يوم خيبر؛ لأنها صارت نجسة (?).
وأجاز قسم الغنم والبقر والإبل بغير تقويم مالك. والكوفيون وأبو ثور إذا كان ذلك على التراضي. وقال الشافعي: لا يجوز قسم شيء من الحيوان بغير تقويم، حجة من أجاز ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم الغنائم وكانت أكثر غنائم خيبر الإبل والغنم، ولم يذكر في شيء من ذلك تقويم.
قالوا: وتعديل الغنم بالغنم والبقر بالبقر، والإبل بالإبل جائز على التراضي في القسمة، ولا ربا يدخلها؛ لأنه يجوز فيها التفاضل يدًا بيد، ومن حجة الشافعي أن قسمته - صلى الله عليه وسلم - الغنم مع الإبل إنما كانت على طريق القيمة، ألا ترى أنه عدل عشرة من الغنم ببعير! وهذا هو معنى التقويم (?). قال القرطبي: وهذِه الغنيمة لم يكن فيها غير الإبل والغنم، ولو كان فيها غير ذلك لقوَّم جميعها وقسمه على القيمة (?) والإبل والغنم لا واحد لهما من لفظهما، وإنما واحد الإبل جمل وناقة، وواحد الغنم كبش وشاة.
وقوله: (ندّ) أي: ذهب على وجهه، وقد أسلفنا أن معناه هرب، يقال: ندّ ندًّا أو ندودًا، و (أهوى إليه رجل بسهم) أي: ردَّ يده إليه