كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى صاحب المدبر ثمنه، فلو كان مَنْعُهُ لأجل السفه لما سلم إليه الثمن، فنبه على أنه إنما أعطاه بعد أن علمه طريق الرشد وأمره بالإصلاح والقيام بشأنه وما كان السفه حينئذٍ فسقًا، وإنما نشأ من الغفلة وعدم البصيرة بمواقع المصالح، فلما بينها له كفاه ذلك، ولو ظهر له بعد ذلك من حاله أنه لم يتنبه ولم يرشد لمنعه التصرف مطلقًا وحجر عليه حجرًا مطردًا (?)، والأقوال الثلاثة التي أشرنا إليها.

أحدها: قول مالك وأصحابه غير ابن القاسم: أن فعل السفيه وأمره كله جائز حتى يضرب الإمام على يديه وهو قول الشافعي (?).

ثانيها: لابن القاسم أن أفعاله غير جائزة وإن لم يضرب عليه الإمام.

ثالثها: لأصبغ إن كان ظاهر السفه فأفعاله مردودة، وإن كان غير ظاهر السفه، فلا ترد عليه أفعاله حتى يحجر عليه الإمام.

واحتج سُحنون لقول مالك بأن قال: لو كانت أفعاله مردودة قبل الحجر ما احتاج السلطان أن يحجر على أحد، واحتج غيره بأن الشارع أجاز بيع الذي كان يخدع في البيوع، ولم يذكر في الحديث أنه فسخ ما تقدم من بيوعه.

وحجة ابن القاسم حديث جابر أنه - عليه السلام - ردَّ عتق الذي أعتق عبده ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015