الشرح:
اختلف العلماء في إشخاص المدَّعَى عليه، فقال ابن القاسم -في معنى قول مالك- إن كان المدَّعَى عليه غائبًا إلى مثل ما يسافر الناس فيه ويقدمون، كتب إلى والي الموضع في أخذ المدعى عليه بالاستحلاف أو القدوم للخصومة، وإن كان غيبة بعيدة فيسمع من بينة المدعي ويقضى له. وقياس قول الشافعي -كما قال ابن بطال- أنه يجلب بدعوى المدعي. وقال الليث: لا يجلب المدعى عليه حتى تشهد بينة على الحق. قال الطحاوي: وليس عند أصحابنا المتقدمين فيه شيء، والقياس أنه لا يجلب ببينة ولا غيرها. قال غيره: إنما يريد أن يكتب إلى حاكم الجهة (?).
وفي الحديث الأخير: الإشخاص إذا قويت شبهة الدعوى والتوفيق والملازمة في الجواب عن الدعوى؛ لأن الجارية ادعت بإشارة، فأشخص اليهودي ووقف وألزم الجواب وشدد عليه فيه، واستدل على كذبه حتى أقر واعترف وإن كان الخصم في موضع يخاف فواته منه، فلا بأس بإشخاصه وملازمته وإن كان في موضع لا يخاف فواته فليس له إشخاصه إلا برفع من السلطان إلا أن يكون في شيء من أمور الدين، فإن من الإنكار على أهل الباطل أن يشخصوا ويرفعوا كما فعل ابن مسعود بالرجل، وكما فعل عمر بهشام بن حكيم حين تأول عليه أنه مخطئ.
وأما الملازمة فأوجبها من لم ير السجن على مدعي العدم حتى يثبت عدمه، وهم الكوفيون (?)، وأما مالك وأصحابه فيرون أنه يسجن حتى