على اليمين كافرًا كان من أدب جليسه إيثاره على من كان على يساره.
فإن قلت ما وجه دخول حديث سهل هنا؟
قلت: بينه ابن المنير وقال: وجه دخوله أن الماء يملك ولهذا استأذن الشارع بعض الشركاء فيه، ورتب قسمته يمنة ويسرة ولو كان مباحًا لم يدخله ملك ولا ترتب قسمته.
والحديث الثاني مطابق لقوله "شيب بماء" والاستدلال به ضعيف.
ولعل هذا الترتيب؛ لأن اللبن هو الذي ملكه لا الماء (?).
قال الداودي: وإنما أتى هنا بهذا الباب لأن الأرض وما عليها من النبات إنما جعل لبني آدم يكفيهم أحياء وأمواتًا وجعل فيها معايش لهم.
قلت: وجميع ما يوهب للجماعة من الأشياء كلها هم فيه متشاركون وحقوقهم فيه متساوية لا فضل لأحد منهم على صاحبه، وإنما جازت هبة الماء واللبن غير مقسومين؛ لقلة التشاح فيهما ولأن العادة قد جرت من الجماعة إذا أكلت أو شربت معًا أنها تجري في ذلك على المكارمة، ولا يتقصى بعضهم على بعض؛ لأن ذلك إنما يوضع للناس قدر نهمتهم فمنهم من يكفيه اليسير، ومنهم من يكفيه أكثر منه، (إلا) (?) من استعمل أدب المؤاكلة والمشاربة أولى، وأن لا يستأثر أحد منهم بأكثر من نصيب صاحبه. ألا ترى أن مالكًا (?) قال: لا يقرن أحد بين تمرتين إلا أن يستأذن أصحابه في ذلك؛ لما كان التمر مما يتشاح فيه أكثر من التشاح من الماء واللبن (?).