وقال ابن بطال: اعتل من دفع المساقاة بأنها كانت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غير أجل معلوم لهذا الحديث، وكل من أجاز المساقاة فإنما أجازها إلى أجل معلوم، إلَّا ما ذكره ابن المنذر عن بعضهم، أنَّه تأول الحديث على جوازها بغير أجل كما سلف، وأئمة الفتوى على خلافه، وأنها
لا تجوز إلَّا بأجل معلوم (?).
قال مالك: الأمر عندنا في النخل: أنها تساقى السنتين والثلاث والأربع والأقل والأكثر (?)، وأجازها أصحاب مالك في عشر سنين فما دونها (?).
وما سلف عن أبي ثور ومحمد بن الحسن يشبه قول ابن الماجشون فيمن اكترى دارًا مشاهرة أنه يلزمه شهر؛ لأنَّه - عليه السلام - أقرَّ اليهود على أنَّ لهم النصف، ومقتضاه سنة واحدة حتى يتبين أكثر منها، ولا حجة لمن دفع المساقاة في قوله: "أقرُّكم ما أقرَّكم الله" ولم يذكر أجلًا؛ لأنه كان يرجو أن يحقق الله رغبته في إبعاد اليهود من جواره؛ لأنه امتحن معهم في شأن القبلة، وكان مرتقبًا للوحي فيهم فقال لهم: "أقرُّكم ما أقرَّكم الله" منتظرًا للقضاء فيهم فلم يوح إليه بشيء في ذلك حتى حضرته الوفاة فقال: "لا يبقين دينان بأرض العرب" (?).