ومعنى الحديث: الحض على معالي الأمور، وطلب الرزق من أشرف الصناعات، لما خشي - عليه السلام - على أمته من الاشتغال بالحرث، وتضييع ركوب الخيل، والجهاد في سبيل الله؛ لأنهم إن اشتغلوا بالحرث غلبتهم الأمم الراكبة للخيل المتعيشة من مكاسبها، فحضهم على التعيش من الجهاد لا من الخلود إلى عمارة الأرض، ولزوم المهنة، والوقوع بذلك تحت أيدي السلاطين وركاب الخيل، ألا ترى أن عمر قال: تمعددوا، واخشوشنوا، واقطعوا الركب، وثبوا على الخيل وثبًا لا يغلبكم عليها رعاة الإبل (?). أي: دعوا التملك والتدلل بالنعمة، وخذوا خشن العيش؛ لتتعلموا الصبر فيه، فأمرهم بملازمة الخيل والتدرب عليها والفروسية؛ لئلا يملكهم الرعاة الذين شأنهم خشونة العيش، ورياضة أبدانهم بالوثوب على الخيل، فليحذر من الميل إلى الراحة والنعمة، فمن لزم الحرث وغلب عليه، وضيع ما هو أشرف منه؛ لزمه الذل، كما قال - عليه السلام -، ويلزمه الجفاء في خلقه
لمخالطته، وهو كذلك.
وقد جاء في الحديث "من لزم البادية فقد جفا" (?).
وجاء: "من بدا فقد جفا" (?).