وهو من جلة أهل الحديث، وَثَمَّ آخر غساني وأندلسي صاحب مالك وغير ذلك. وأبو طلحة جد إسحاق اسمه زيد بن سهل الصحابي، مات سنة أربع وثلاثين.
ووقع في كتاب ابن التين أن اسمه خالد، فاحذره.
وقوله: (قد سمعتُ ما قلت) يدل على قبوله - عليه السلام - لما جعل إليه أبو طلحة من الرأي في وضعها، ثم رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوضع فيها إلى أبي طلحة بعد أن أشار عليه في من يضعها.
وفيه: أن للوكيل أن يقبل ما وكل عليه وله أن يرد، وأن الوكالة لا تتم إلا بقبول الوكيل، ألا ترى أن أبا طلحة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فأشار عليه بالرأي، ورد عليه العمل، وقال "أرى أن تجعلها في الأقربين" فتولى أبو طلحة قسمتها.
وفيه: أن من أخرج شيئًا من ماله لله ولم يُمَلِّكه أحدًا، فجائز أن يضعه حيث أراه الله من سبل الخير، وجائز أن يشاور فيه من يشق برأيه من إخوانه، وليس لذلك وجه معلوم لا يتعدى، كما قال بعض الناس: يعني قول الرجل: لله، وفي سبيل الله. في وجه دون وجه، ألا ترى هذِه الصدقة الموقوفة رجعت إلى قرابة أبي طلحة، ولو سبلها في وجه من الوجوه لم تصرف إلى غيره.
واختلف الفقهاء إذا قال الرجل: خذ هذا المال فاجعله حيث أراك الله من وجوه الخير، هل يأخذ منه لنفسه إن كان فقيرًا أم لا؟
فقالت طائفة: لا يأخذ منه شيئًا؛ لأنه إنما أمر بوضعه عند غيره، وهذا يشبه مذهب مالك في "المدونة"، كما قاله ابن بطال: سئل مالك عن رجل أوصى بثلث ماله لرجل أن يجعله حيث رأى، فأعطاه