قَالَ تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي: صلاتكم، بإجماع (?).

ومثله الآيات التي ذكرها البخاري في الأحاديث، وأما الأحاديث فَسَتمرُّ بها في مواضعها إن شاء الله تعالى. وهذا المعنى أراد البخاري في "صحيحه" بالأبواب الآتية بعد هذا كقوله: باب أمور الإيمان، الصلاة من الإيمان، الزكاة من الإيمان، الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه.

وأراد الرد على المرجئة في قولهم الفاسد: إن الإيمان قول بلا عمل، وبيّن غلطهم، وسوء اعتقادهم، ومخالفتهم الكتاب والسنة والإجماع.

قَالَ ابن بطَّال: مذهب جميع أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص (?). فالمعنى الذي يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمن هو إتيانه بهذِه الأمور الثلاثة: التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح؛ وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر وعمل بلا اعتقاد، أو اعتقد وعمل وجحد بلسانه لا يكون مؤمنًا، وكذا إِذَا أقر واعتقد ولم يعمل الفرائض لا يسمى مؤمنًا بالإطلاق؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلى قوله: {حَقًّا} [الأنفال: 2 - 4].

فأخبرنا تعالى أن المؤمن لا يكون إلا مَنْ هذِه صفتُه؛ ولهذا قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَسْرقُ السَّارقُ حينَ يَسْرقُ وهو مُؤمِنٌ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015