يفلس الغريم أو يغيب. وقالت طائفة: الكفالة والحوالة والضمان سواء، ولا يجوز أن يكون شيء واحد عن اثنين على كل واحد منهما، هذا قول أبي ثور.
وقال ابن أبي ليلى: إذا ضمن الرجل عن صاحبه مالًا تحول على الكفيل وبرئ صاحب الأصل إلا أن يشترط المكفول له عليهما أن يأخذ أيهما شاء، واحتج ببراءة الميت من الدين بضمان أبي قتادة؛ ولذلك صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وحجة مالك أن يأخذ الذي عليه الحق فإن وفَّى بالدين وإلا أُخذ ما نقصه من الحميل، فلأن الذي عليه الحق قد أخذ عوض ما يؤخذ منه ولم يأخذ الحميل عوض ما يؤخذ منه، وإنما دخل على وجه
المكرمة والثواب فكافت التبدئة بالذي عليه الحق أولى إلا أن يكون الذي عليه الحق غائبًا أو معدمًا فإنه يؤخذ من الحميل، فإنه معذور في أخذه في هذِه الحال (?).
قال ابن بطال: وهذا قول حسن، والقياس أن للرجل مطالبة أي الرجلين شاء، وحجة هذا القول الحديث السالف عن رواية الطحاوي، فإن فيه: فجاءَهُ من الغد يتقاضاه فقال: إنما كان ذلك أمس، ثم أتاه من بعد الغد فأعطاه، فدل أن المطلوب لا يبرأ بكفالة الكفيل عنه، وأن للطالب أن يأخذ بعد الكفالة أيهما شاء، ولما كان الضامن يلزمه إذا ضمن كما يلزم المديان أداء ما عليه كان صاحب الحق مخيرًا أن يأخذ ممن شاء منهما (?).