القيامة، فلهم أجر عمل الدهر كله؛ لأنهم أتموه بالعبادة كإتمام النهار الذي كان استؤجر عليه كله أول طبقة.
وقوله: ("مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ") قدر لهم مدة إعمال اليهود، ولهم أجرهم عليه إلى أن نسخ الله شريعتهم بعيسى، ثم قدر عمل مدة هذا الشرع، وله أجر قيراط، فعملت إلى أن نسخ نبينا، فتفضل على المسلمين فقال: "من يعمل بقية النهار إلى الليل، وله قيراطان" فقال المسلمون: نحن نعمل إلى انقطاع الدهر بشريعة محمد، فهذا الحديث وجه العمل بمدد الشرائع، والحديث الثاني وجه العمل الدهر كله.
وبقي أن من عمل [من] (?) اليهود إلى أن نسخ دين موسى، ثم أنتقل وآمن بعيسى، وعمل بشريعته أن له أجره مرتين، وكذلك من عمل من النصارى بدين عيسى مدة شرعه، ثم آمن بمحمد وعمل بشريعته كان له أجره مرتين كما أن للمسلمين أجرهم مرتين، يعني: كأجر اليهود والنصارى قبلهم؛ لأنهم أعطوا قيراطين على أجر النهار، كما أعطي اليهود والنصارى قيراطين على أكثره، وإنما ذلك من أجل إيمان المسلمين بموسى وعيسى، وإن لم يعملوا بشريعتهما؛ لأن التصديق عمل.
فإن قلت: فما معنى قول اليهود والنصارى: "نحن أكثر عملًا وأقل عطاء"، وبين نصف النهار إلى العصر ثلاث ساعات، كما بين العصر إلى الغروب، وإنما كان يكون معنى الحديث ظاهرًا لو قال ذلك اليهود
خاصة؛ لأنهم عملوا نصف النهار على قيراط، وذلك ست ساعات،