بجار وجب إيثار الجار على من ليس بجار، من طريق مكارم الأخلاق وحسن الجوار، لا من طريق الفرض اللازم، فقد أوصى الرب جل جلاله بالجار فقال: {وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ} [النساء: 36] وقال رسوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" (?) وهذا الاحتمال ذكره ابن المنذر عن الشافعي وإذا احتمل هذا كله الحديث المجمل، ثم فسره حديث آخر بقوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" كان المفسر أولى من المجمل.
تنبيهات:
أحدها: الصقب، بفتح الصاد والقاف، وهو بالصاد أكثر من السين كما قاله في "الجامع"، وهو: القرب، يقال: قد أصقب فلان فلانًا إذا قربه منه، فهو يصقبه وقد تصاقبا إذا تقاربا، قال ابن دريد: سقبت الدار سقوبًا، وأسقبت لغتان فصيحتان: قربت. وأبياتهم متساقبة. أي: متدانية (?).
وقال ابن الأنباري في "زاهره": الصقب: الملاصقة. كأنه أراد ما يليه ويقرب منه، وفي "الغريبين" أراد بالجار الملاصق من غير شركة.
وفيه حديث علي: إذا وجد قتيل بين قريتين حمل على أصقبهما إليه (?).
ثانيها: قال ابن التين قول الحكم قال به سفيان، وخالفهما مالك وقال: لا يلزم إذنه بذلك واستقرأ بعضهم إلزامه قياسًا على قوله: إن اشتريت عبد فلان فهو حر، أو تزوجت فلانة فهي طالق. قال: وهو