أخذ، وإن شاء ترك. واحتج بمثله ابن أبي ليلى.
واختلفوا في المسألة التي ذكرها الشعبي في الباب، فقال مالك: إذا
باع المشتري نصيبه من أجنبي وشريكه حاضر يعلم بيعه، فله المطالبة بالشفعة متى شاء، ولا تنقطع شفعته إلا بمضي مدة يعلم أنه في مثلها تارك.
واختلف في المدة، فقيل: سنة، وقيل: فوقها، وقيل: فوق ثلاث، وقيل: فوق خمس، حكاها ابن الحاجب.
وقال أبو حنيفة: إذا وقع البيع فعلم الشفيع به، فإن أشهد مكانه أنه على شفعته وإلا بطلت شفعته، وبه قال الشافعي. قال: إلا أن يكون له عذر مانع من طلبها، من حبس أو غيره فهو على شفعته.
حجة أبي حنيفة بأن سكوته رضا بإسقاط حقه، قياسًا على خيار البكر أنه على الفور. حجة مالك القياس على عتق الأمة تحت عبد عنده.
واستدل أهل العراق على شفعة الجوار بحديث الباب، غير أنهم جعلوا الشريك في المنزل أحق بها من الجار، فإن سلم الشفعة الشريك في الدار فالجار الملاصق أحقُّ بها من غيره، فإن كان بينهما طريق نافذ فلا حق له فيها، هذا قول أبي حنيفة وأصحابه، وتعلقوا بلفظ: "الجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"، وقالوا: لا يراد به الشريك؛ لأن الجار لا يقع إلا على غير الشريك، وزعموا أنه لا يوجد في اللغة أن الشريك يسمى جارًا، فخالفوا نص الحديث وتركوا أوله؛ لتأويل تأولوه في آخره، أما مخالفتهم نصه فهو أن أبا رافع كان شريك سعد في البيتين في داره؛ ولذلك دعاه إلى الشراء بأقل مما أعطاه غيره ممن ليس بشريك.