جعل تسخير البحر، لعباده؛ لابتغاء فضله من نعمه التي عدها لهم، وأراهم في ذَلِكَ عظيم قدرته، وسخر الرياح باختلافها تحملهم وترددهم، وهذا من عظيم آياته، ونبههم عَلَى شكره عليها بقوله: {وَلَعَلَّكُم تشَكُرُونَ} وهذِه الآية في سورة فاطر [فاطر: 12]، وأما التي في النحل وهي: {وتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا} [النحل: 14] بالواو، وما ذكره البخاري في الفلك لائح وهو قول أكثر أهل اللغة كما قَالَ ابن التين، ودليله في القرآن: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] وقال في أخرى: {فِي الفُلْكِ المَشْحُونِ} [يس: 41] فأجراه مرة عَلَى حكم الجمع، ومرة عَلَى حكم الإفراد، وقيل: هو جمع، والسفن: جمع سفينة.

قَالَ ابن سيده: سميت سفينة؛ لأنها تسفن وجه الماء، أي: تقشره، فعيلة بمعنى فاعلة، والجمع سفان وسفن وسفين (?). قلت: والسفان: صاحبها، وواحد الفُلْك: فَلَك بفتح اللام، مثل أُسْد وأَسَد، وتذكر وتؤنث كما قَالَ القزاز.

وأثر مجاهد (?) يريد به تفسير {وَتَرَى الفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} [فاطر: 12] والمخر في اللغة: الشق، يقال: مخرت السفينة، تمخَر، وتمخُر إذا شقت الماء وسمعت لها صوتًا، وذلك عند هبوب الرياح. وقيل:

المخر: الصوت، والريح: تصوت السفينة، والفلك أيضًا: تصوت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015