تشعر أنها لو خلت من المعارض الراجح لم تدخل في العتب، بل كانت حينئذٍ مباحة، وفي "صحيح الحاكم" من حديث عمرو بن تغلب مرفوعًا: "إن من أشراط الساعة أن تظهر الفتن وتفشوَ التجارة" ثم قَالَ: صحيح عَلَى شرط الشيخين (?).
وفيه: -عَلَى شرطهما- من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "إياكم وهيشات الأسواق" (?) وكأن النهي محمول عَلَى أن يجعلها ديدنه فيشتغل بها عن المهمات.
إذا تقرر ذَلِكَ كله: فقد أباح الله تعالى التجارة في كتابه وأمر بالابتغاء من فضله، وكان أفاضل الصحابة يتجرون ويحترفون طلب المعاش، وقد نهى العلماء والحكماء عن أن يكون الرجل لا حرفة له ولا صناعة؛ خشية أن يحتاج إلى الناس فيذل لهم، وقد روي عن لقمان أنه قَالَ لابنه: يا بني خذ من الدنيا بلاغك، وأنفق من كسبك لآخرتك، ولا ترفض الدنيا كل الرفض فتكون عيالًا، وعلى أعناق الرجال كلالًا.