الشرح: لما فرغ البخاري رحمه الله من بيان العبادات المقصود بها التحصيل الأخروي شرع في بيان المعاملات المقصود بها التحصيل الدنيوي، فقدم العبادات لاهتمامها، ثم ثنى بالمعاملات؛ لأنها ضرورية، وأخَّر النكاح؛ لأن شهوته متأخرة عن الأكل ونحوه، وأخَّر الجنايات والمخاصمات؛ لأن وقوع ذَلِكَ في الغالب إنما هو بعد الفراغ من شهوة الفرج والبطن. وأغرب ابن بطال فذكر هنا الجهاد (?)، وأخَّر البيوع إلى أن فرغ من الأيمان والنذور (?)، ولا أدري لم فعل ذَلِكَ، وقد أسلفنا أنه قدم الصوم عَلَى الحج أيضًا (?)، وجمع البيوع باعتبار أنواعه، وغيره أفرده تبركًا بلفظ القران، وهو في اللغة: مقابلة شيء بشيء ويسمى شراءً أيضًا، قَال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] ويسمى كل واحد من المتبايعين بائعًا ومشتريًا. وسيأتي حديث "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا" (?).
وقول" إبراهيم في باب: لا يشترِ حاضر لباد (?): فيه عن العرب، وهو في الشرع: مقابلة مال بمال ونحوه، وبعته وأبعته بمعنى، وكذا باع وأباع، قيل: سمي بيعًا؛ لأن البائع يمد باعه إلى المشتري حالة العقد