ولكن لما صحَّ عنه أنه اختار لمن أراد صوم الثلاثة أيام من كل شهر الأيام البيض، فالصواب اختيار ما اختار، وإن كان غير محظور عليه أن يجعل صوم ذَلِكَ ما شاء من أيام الشهر؛ إذ كان ذلك نفلًا لا فرضًا.

فإن قلت: قد أسلفت أنه كان يصوم الاثنين، والخميس، والثلاثة من غرة الشهر، قلت: نعم، ولا يدل على أن الذي اختار للأعرابي من أيام البيض كما اختار وأن ذَلِكَ من فعله دليل على أن أمره له ليس بواجب وإنما هو ندب وأن لمن أراد من أمته صوم ثلاثة أيام من كل شهر يختار ما أحب من أيام الشهر؛ فيجعل صومه فيما اختار من ذَلِكَ كما كان - عليه السلام - يفعله، فيصوم مرة الأيام البيض، ومرة غرة الهلال، ومرة الاثنين والخميس؛ إذ كان لأمته الاستنان به فيما لم يعلمهم أنه له خاص دونهم. وفي النسائي بإسناد صحيح من حديث جرير مرفوعًا: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، الأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة " (?).

قال القرطبي: كذا رُوِّيناه عن متقني شيوخنا برفع (أيام) و (صبيحة) على إضمار المبتدأ كأنه قال: أيام البيض عائدًا على ثلاثة أيام، و (صبيحة) ترفع على البدل من (أيام)، ومن خفض فيها فعلى البدل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015