وإنما قالت: نوائب الحق؛ لأنها تكون في الحق والباطل، قَالَ لبيد - صلى الله عليه وسلم -:
فلا الخير ممدود ولا الشر لازب ... نوائب من خير وشر كلاهما
الثاني بعد الأربعين: معنى كلام خديجة رضي الله عنها: إنك لا يصيبك مكروه لما جعله الله -سبحانه وتعالى- فيك من مكارم الأخلاق، وجميل الصفات، ومحاسن الشمائل. وذكرت ضروبًا من ذَلِكَ، وفي هذا أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء والمكاره، فمن كَثُرَ خيره حسنت عاقبته، ورجي لَهُ سلامة الدين والدنيا، وفيه مدح الإنسان في وجهه لمصلحة، وشرطه في غير الأنبياء انتفاء الفتنة أيضًا.
الثالث بعد الأربعين: ذكر البخاري في كتاب التفسير من "صحيحه" خصلة أخرى، وهي: وتَصْدُقُ الحديث (?) وذكرها مسلم هنا (?)، وهي من أشرف خصاله وكان يُدْعى بها من صغره، وفي "السيرة" زيادة: (إنك لتؤدي الأمانة) ذكرها من حديث عمر بن شرحبيل (?)، وقد سلفت.
الرابع بعد الأربعين: فيه أنه ينبغي تأنيس من حصلت لَهُ مخافة من أمر وتبشيره، وذكر أسباب السلامة له، وأنّ من نزلت به نازلة لَهُ أن يشارك فيها من يثق بنُصْحِهِ ورأيه.
الخامس بعد الأربعين: فيه أيضًا أبلغ دليل وأظهر حجة عَلَى كمال خديجة، وجزالة رأيها، وقوة نفسها، وعظيم فقهها.
السادس بعد الأربعين: قولها: (فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ