وأجمع العلماء على أن من حلق رأسه لعذر أنه غير فيما نص الله تعالى من الصيام أو الصدقة أو النسك (?)، واختلف فيمن حلق، أو لبس أو تطيب، عامدًا من غير ضرورة، فقال مالك: بئس ما فعل، وعليه الفدية وهو مخير فيها. وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور: ليس بمخير إلا في الضرورة لشرط الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] فإذا حلق أو تطيب أو لبس عامدًا من غير ضرورة فعليه دم (?)، وحجة مالك: أن السنة وردت في كعب بن عجرة في حلقه رأسه، وقد آذاه هوامه، ولو كان حكم غير الضرورة مخالفًا لبينه ولَمَّا لم تسقط الفدية من أجل الضرورة علم أن من لم يكن بمضطر أولى أن لا يسقط عنه، وقال مالك والليث والثوري وأبو حنيفة: إذا حلق ناسيًا فعليه الفدية كالعامد. وقال الشافعي في أحد قوليه: لا فدية عليه. وهو قول إسحاق وابن المنذر، واحتج من يقول بأن فرض الحج على غير الفور؛ لأنه - عليه السلام - قال لكعب بن عجرة: "يؤذيك هوامك؟ " قال: نعم. قال: "احلق وانسك شاةً" فنزل قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} إلى قوله: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وإتمام الشيء حقيقة إنما هو كماله بعد الدخول فيه، وقد يستعمل في ابتداء الشيء تجوزًا واتساعًا، ولم يرد الله بقوله: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ}؛ الإكمال بعد الطواف فيه، ولكنه تجوز، فاستعمل في ابتداء الدخول، يدل على ذَلِكَ قول عمر: وعلى تمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دويرة أهلك. فأخبر أن التمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015