قال ابن بطال: والصحيح أنه اعتمر ثلاثًا، والرابعة إنما يجوز نسبتها إليه؛ لأنه أمر الناس بها وعملت بحضرته، لا أنه اعتمرها بنفسه، ويدل على صحة ذَلِكَ أن عائشة ردت على ابن عمر قوله، وقالت: (ما اعتمر في رجب قط) وأما أنس فإنه لم يضبط المسألة ضبطًا جيدًا، وقد أنكر ذَلِكَ عليه ابن عمر حين ذكر له أن أنسًا حدث أنه - عليه السلام - أهلَّ بعمرة وحجة، فقال ابن عمر: أهلَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهللنا به، ذكره البخاري في المغازي (?)، ففي رد ابن عمر على أنس: أنه - عليه السلام - اعتمر مع حجته، ردٌ من ابن عمر على نفسه أيضًا، وقد جاء عن أنس نفسه خلاف فتواه، وهو حديث مروان الأصفر عنه: أنه - عليه السلام - قال لعلي: "لولا أن معي الهدي لأحللت". ذكره في باب: من أهلَّ في زمنه كإهلاله فامتناعه من الإهلال من أجل الهدي (?) يدل أنه كان مفردًا للحج؛ لأنه اعتذر عن الفسخ فيه بالهدي، ولو كان قارنًا ما جاز أن يعتذر؛ لاستحالة الفسخ على القارن، فكيف يجوز أن ينسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتمر مع حجته؟ إلا على معنى أنه أمر بذلك من لم يكن معه هدي، هذا ما لا ريب فيه ولا شك (?). وقال أبو عبد الملك: إنه وهم من ابن عمر؛ لاجتماع المسلمين على أنه اعتمر ثلاثًا، وقاله معه أنس. فأما أنس فجعله قارنًا أو متمتعًا.