وقال آخرون: جائز ذَلِكَ لكل أحد، للضعيف والقوي، وكانوا يقولون: إنما هو منزل نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبعض منازل السفر، فمن شاء فعل، ومن شاء تركه.

وروي ذَلِكَ عن عطاء والزهري، وحكي أيضًا عن الأوزاعي، وسيأتي ما يخالفه. واحتجوا بحديث ابن عمر مرفوعًا: "إنما جمع منزل لذبح المسلمين" (?).

وذهب قوم على أن المبيت بها فرض لا يجوز الحج إلا به، وبه قَالَ ابن بنت الشافعي وابن خزيمة، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، وفيه: قوة، وبه قَالَ خمسة من التابعين، وقال به ابن حزم والشعبي والنخعي وعلقمة والأوزاعي أيضًا، وحماد بن أبي سليمان، ويروى عن ابن الزبير والحسن وأبي عبيد القاسم بن سلام: ويجعل إحرامه عمرة.

وحكاه ابن التين عن علقمة والنخعي والشعبي في الوقوف بالمشعر الحرام، وأنه إن لم يقف به فاته الحج للآية.

قَالَ الطحاوي: والحجة عليهم أن قوله تعالى: {فَاَذْكُرُوا اللهَ عِندَ اَلمَشْعَرِ اَلحَرَامِ} [البقرة: 198] ليس فيه دليل أن ذَلِكَ عَلَى الوجوب، ولأن الله تعالى إنما ذكر الذكر ولم يذكر الوقوف، وكل قد أجمع أنه لو وقف بالمزدلفة ولم يذكر الله تعالى أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في الكتاب ليس من صلب الحج، فالموطن الذي يكون الذكر فيه الذي لم يذكر في الكتاب أحرى أن لا يكون فرضًا، وقد ذكر الله تعالى في كتابه أشياء في الحج لم يرد بذكرها إيجابها في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015