ورخصت طائفة في الرمي قبل طلوع الفجر، رُوِي ذَلِكَ عن عطاء وطاوس والشعبي، وبه قَالَ الشافعي: بعد نصف الليل (?). وحكي عنه مثل الأول، حكاه عنه ابن التين.

وقال النخعي ومجاهد: لا يرميهما حَتَّى تطلع الشمس، وبه قَالَ الثوري وأبو ثور وإسحاق، وهو خلاف قول الأكثرين، منهم الأربعة.

فهذِه مذاهب ثلاثة: حجة الأول: حديث ابن عمر السالف أول الباب، وحجة الثاني: حديث أسماء في الباب لكن لم يذكر البخاري فيه الرمي قبل الفجر، ورواه غيره. و (غلَّس) محتملة للتأويل لا يقطع بها؛ لأنه يجوز أن يُسمى ما بعد الفجر غلسًا. واعترض ابن القصار فقال: لو صح: رمينا قبل الفجر لكان ظنًّا منه؛ لأنه لما رآها صلت الصبح في دارها ظن أن الرمي كان قبل الفجر (والرمي كان بعد الفجر) (?)، فأخرت صلاة الصبح إلى دارها.

وقولها فيه: (هكذا كنا نفعل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) إشارة إلى فعلها، وفعلها يجوز أن يكون بعد الفجر؛ لأنها لم تقل هي: رمينا قبله، ولا قالت: كنا نرمي معه قبله؛ لأنه لم يقل أحد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رمى قبله، وفيه ما لا يخفي.

واحتج الشافعي أيضًا بحديث أم سلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تصبح بمكة يوم النحر (?). وهذا لا يكون إلا وقد رمت الجمرة بمنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015