الإسلام، وذكر الله ذَلِكَ في كتابه صار من شعائر الحج في الإسلام، فإن قلت: فما تقول في قوله آخر الآية: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} إلى آخره؟

قلتُ: يلزمك التطوع به مفردًا ولا قائل به إجماعًا، وهذا راجع إلى أول الآية، لا إلى هذا، أي: من تطوع بحج أو غيره فإن الله شاكر عليم.

ثم اعلم أن واجبات السعي عندنا أربعة:

أحدها: قطع جميع المسافة بين الصفا والمروة، فلو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه، ولو كان راكبًا اشترط أن يسير دابته حَتَّى تضع حافرها عَلَى الجبل، وإن صعد عَلَى الصفا والمروة فهو أكمل، وكذا فعله سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابة بعده، وليس هذا الصعود شرطًا ولا واجبًا، بل هو سنة متأكدة، وبعض الدرج مستحدث، فالحذر من أن يخلفها وراءه، فلا يصح سعيه حينئذٍ، وينبغي أن يصعد عَلَى الدرج حَتَّى يستيقن، ولنا وجه شاذ: أنه يجب الصعود عَلَى الصفا والمروة قدرًا يسيرًا، ولا يصح سعيه إلا بذلك ليستيقن قطع جميع المسافة، كما يلزمه غسل جزء من الرأس في غسل الوجه ليستيقن.

ثانيها: الترتيب: فلو بدأ بالمروة لم يجزئه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ابدءوا مما بدأ الله به" (?). قَالَ في "المحيط" من كتب الحنفية: لو بدأ بالمروة وختم بالصفا أعاد شوطًا (?). ولا يجزئه ذَلِكَ، والبداءة بالصفا شرط، ولا أصل لما ذكره الكرماني (?) من أن الترتيب في السعي ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015