حج التطوع على أصح القولين، والحديث حجة على الحسن بن حي في قوله: إن المرأة لا يجوز أن تحج عن الرجل، وهو حجة لمن أجازه.
وقال صاحب "الهداية": الأصل أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صدقة أو صومًا أو غيرها عند أهل السنة والجماعة، لما روي أنه - عليه السلام - ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته، والعبادات أنواع مالية محصنة كالزكاة، وبدنية كالصلاة، ومركب منها كالحج، والنيابة تجزئ في النوع الأول ولا الثاني، وتجزئ في الثالث عند العجز دون القدرة، والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت، وظاهر مذهبهم أن الحج يقع عن المحجوج عنه؛ لحديث الخثعمية، وعند محمد أنه يقع عن الحاج وللآخر ثواب النفقة.
قال الخطابي: العجب من مالك كيف روى هذا الحديث ولم يقل به، قال: وقد تأول بعضهم أن معنى (أدركت أبي شيخًا كبيرًا) أي أسلم وهو شيخ بهذِه الصفة (?).
وقال ابن عبد البر: اختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث، فذهب جماعة منهم إلى أنه مخصوص به أبو الخثعمية: لا يجوز أن يتعدى به إلى غيره، بدليل الآية السالفة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وكان أبوها ممن لا يستطيع فلم يكن عليه الحج فلما لم يكن عليه لعدم استطاعته كانت ابنته مخصوصة بذلك الجواب، وممن قال ذَلِكَ مالك وأصحابه (?)؛ لأن الحج عندهم من عمل البدن فلا ينوب فيه أحد عن أحد كالصلاة.