وفيه رد على من قال: إن ابن مسعود سمع أحد الحكمين، فرواه وضم إليه الحكم الآخر قياسًا على القواعد الشرعية. الظاهر أنه نسي مرة وهي الأولى وحفظ مرة وهي الأخرى فرواهما مرفوعين كغيره من الصحابة. ودخول المشرك النار دخول تأبيد.
إذا تقرر ذلك فالإجماع قائم على أن من مات على ذلك دخل الجنة لكن بعد الفصل بين العباد، ورد المظالم إلى أهلها، فيزحزح عنها ويباعد ويعجل له الدخول، أو يصيبه سفع من النار بكبائر ارتكبها.
وفيه رد على الرافضة والإباضية وأكثر الخوارج في قولهم: إن أصحاب الكبائر والمذنبين من المؤمنين يخلدون في النار بذنوبهم، والقرآن ناطق بتكذيبهم قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] والحجة عليهم أن قبول العمل يقتضي ثوابًا، والتخليد ينافيه. وقد أخبر الصادق في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40]. وترك المثوبة على الإحسان لا يليق بالربوبية. وقول ابن مسعود السالف أصل في القول بدليل الخطاب وإثبات القياس.
وقول أبي ذر: وإن زنى وإن سرق؟ إنما ذكره لأنه - عليه السلام - قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" (?) وما في معناه، فوضح له - عليه السلام - إن وقع ذلك منه.