وقوله: ("وَالْجَنَّةُ حَقُّ، وَالنَّارُ حَقٌّ") فيه: الإقرار بهما وبالأنبياء كما سيأتي.
وقال ابن التين: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن خبره بذلك لا يدخله كذب ولا تغيير.
ثانيها: أن خبر من أخبر عنه بذلك وبلغه حق.
ثالثها: أنهما قد خلقتا.
وقوله: ("وَالنَّيِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ") يقول: إنهم رسل الله، وأعيد ذكر نبينا ولخصوصيته، كما قَالَ: {وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98].
وقوله: ("وَالسَّاعَةُ حَقٌّ") يحتمل الوجهين السابقين في الجنة والنار، فهي محققة، وفيه: الإقرار بهذِه الأمور كلها، و (السَّاعة): القطعة من الزمان؛ لكن لما لم يكن هناك كواكب تقدر فيها بالأزمان سميت بالساعة. يعني: يوم القيامة.
وقوله: ("اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ") أي: استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك، وسلمت ورضيت وأطعت، من قولهم: أسلم فلان لفلان. إذا انقاد وعطف عليه، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)} [الصافات: 103].
وقوله: ("وَبِكَ آمَنْتُ") أي: صدقت بك، وبما أنزلت من أخبار وأمر ونهي. وظاهره أن الإيمان ليس بحقيقة الإسلام، وإنما الإيمان التصديق. وقال القاضي أبو بكر: الإيمان المعرفة بالله. والأول أشهر في كلام العرب. قَالَ تعالى: {مَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أي: بمصدق. إلا أن الإسلام إذا كان بمعنى الأنقياد والطاعة فقد ينقاد المكلف بالإيمان فيكون مؤمنًا مسلمًا، وقد ينقاد بغير الإيمان فيكون